recent
أخبار ساخنة

**السينما الأميركية في كانّ: "إدينغتون" لأري أستر و"المبتلعة" كمرآة للتحولات المجتمعية**

الصفحة الرئيسية
الحجم
محتويات المقال

 

**السينما الأميركية في كانّ: "إدينغتون" لأري أستر و"المبتلعة" كمرآة للتحولات المجتمعية**

 

يُعتبر مهرجان كان السينمائي الدولي نافذةً سنويةً تطل منها السينما العالمية على أحدث الإبداعات والتجارب الفنية، وغالباً ما تكون المشاركة الأميركية فيه محط أنظار النقاد والجمهور على حد سواء. وفي دورته التي انعقدت بين 13 و24 مايو (أيار)، برزت أفلام أميركية تسعى لاستكشاف أعماق المجتمع الأميركي وتعقيداته، لا سيما في ظل التحولات السياسية والاجتماعية الراهنة. من بين هذه الأعمال، يبرز فيلم "إدينغتون" للمخرج المجدد آري أستر، الذي نافس على السعفة الذهبية، مقدماً رؤية نقدية لاذعة لأميركا التقليدية.

يُعتبر مهرجان كان السينمائي الدولي نافذةً سنويةً تطل منها السينما العالمية على أحدث الإبداعات والتجارب الفنية، وغالباً ما تكون المشاركة الأميركية فيه محط أنظار النقاد والجمهور على حد سواء. وفي دورته التي انعقدت بين 13 و24 مايو (أيار)، برزت أفلام أميركية تسعى لاستكشاف أعماق المجتمع الأميركي وتعقيداته، لا سيما في ظل التحولات السياسية والاجتماعية الراهنة. من بين هذه الأعمال، يبرز فيلم "إدينغتون" للمخرج المجدد آري أستر، الذي نافس على السعفة الذهبية، مقدماً رؤية نقدية لاذعة لأميركا التقليدية.
**السينما الأميركية في كانّ: "إدينغتون" لأري أستر و"المبتلعة" كمرآة للتحولات المجتمعية**


**السينما الأميركية في كانّ: "إدينغتون" لأري أستر و"المبتلعة" كمرآة للتحولات المجتمعية**


 

**"إدينغتون" هجاء سياسي بعباءة الوسترن المعاصر**

 

لا يخيب آري أستر، المعروف بأسلوبه الجريء والمثير للجدل، التوقعات في فيلمه "إدينغتون".

 يتجاوز العمل في مضمونه حدود الجماليات السينمائية التقليدية، ليقدم نفسه ككيان فني غريب ومعقد. يندرج الفيلم ضمن توجه متزايد لدى بعض السينمائيين الأميركيين نحو تسليط الضوء على "أميركا العميقة" – تلك المناطق ذات اللون السكاني الواحد والفكر المحافظ المهيمن. 

  • يبدو أن الهدف هو تفكيك صورة نمطية معينة، وربما "الانتقام" الرمزي من الفئات التي يُنظر إليها
  •  على أنها مسؤولة عن صعود تيارات سياسية معينة، مثل تلك التي أوصلت دونالد ترامب إلى البيت
  •  الأبيض.

 

يأتي "إدينغتون" كهجاء سياسي حاد، يستلهم مفردات أفلام الوسترن الكلاسيكية ليغرف من معين الحاضر الأميركي المضطرب. تدور أحداث الفيلم في مايو 2020، إبان ذروة جائحة كوفيد-19، وهي الفترة التي شهدت إلغاء دورة مهرجان كانّ نفسها.

  1.  هذا التوقيت ليس عرضياً
  2.  بل يمنح الفيلم بعداً تأويلياً عميقاً
  3.  إذ يضعنا أمام مرحلة كاشفة لهشاشة العالم المعاصر وتناقضاته.

 بطل الكوميديا السوداء

بطل هذه الكوميديا السوداء، التي تتلاعب بالمنطق وتفلت من قبضة العقل أحياناً، هو شريف بلدة "إدينغتون" الصغيرة في نيو مكسيكو،

 ويجسده واكين فينيكس. يرفض هذا الشريف "القبضاي" الإجراءات الاحترازية ضد الوباء، بل وينكر وجوده أصلاً في بلدته. في خضم هذا الإنكار، تسود أجواء مشحونة بالريبة وتنتشر نظريات مؤامرة هزلية. 

  • يقف في وجهه عدوه اللدود
  •  العمدة المنتخب حديثاً (بدرو باسكال)
  •  الذي يتحدى الشريف ويدخل معه في صراع محموم يشق البلدة
  •  ويعكس الاستقطاب الحاد الذي تعيشه أميركا.

 تعريف الصراع

يُغرق هذا الصراع، الذي يتخذ طابعاً كاريكاتورياً أحياناً، البلدة في فوضى عبثية وعنيفة. ورغم حرفية أستر المعروفة،

 فإن كثافة التفاصيل والأحداث المتلاحقة، ضمن إيقاع تصادمي خانق، تُثقل الفيلم (الذي تقترب مدته من ساعتين ونصف الساعة) وتجعله يعاني من التكرار والإطالة. يُضاف إلى ذلك معالجة عدد كبير من القضايا الشائكة – نظريات المؤامرة، العنصرية، الشعبوية، انفلات السلاح – مما قد يرهق المشاهد.

  1.  أداء فينيكس يتأرجح بين التهريج والتكرار، بينما يبدو ظهور باسكال وإيما ستون باهتاً. ومع ذلك
  2.  ينجح أستر في خلق حالة من الانزعاج والضياع المتعمدين، تاركاً المشاهد في مواجهة شيفرات
  3.  سينمائية معقدة، في رؤية سينمائية تُدين الكثير، مستخدمةً أدوات ما تُدينه ذاتها.

 

**"المبتلعة" استكشاف الريف والتحولات الفردية**

 

على صعيد آخر، وفي قسم "أسبوعا صنّاع السينما"، يظهر فيلم "المبتلعة"،

 العمل الباكورة للمخرجة الفرنسية لويز إيرمون، ليقدم رؤية مختلفة لمفهوم "البيئة الحاضنة للرجعية"، ولكن هذه المرة في سياق أوروبي. تتابع القصة إيميه (غالاتيا بيلوجي)، أستاذة شابة تصل إلى قرية نائية في أعالي جبال الألب قبيل نهاية القرن العشرين، بهدف تعليم القراءة والكتابة لسكّان يغرقون في الجهل والخرافة.

 

  1. تبدأ إيميه رحلتها كرمز للعلمانية والتنوير، فتواجه الرفض والسخرية، لكنها تدريجياً تؤثر في الأطفال
  2.  وبعض السكان، وفي المقابل تتأثر هي بالبيئة الجديدة وتنغمس في نمط حياة مختلف. يهيمن الغموض
  3.  على هذه القرية المعزولة، وتتخلل الفيلم أجواء من الأسطرة والمجهول، تبلغ ذروتها مع عاصفة ثلجية


 تبتلع القرية، فتخلق المخرجة من خلالها مشهدية بصرية رائعة عبر كادرات كلاسيكية وصورة ضيقة يتناوب فيها البياض الخارجي والعتمة الداخلية، في تعبير بصري عن صراع النور والظلام.

 

رغم الجماليات البصرية والعناية الفائقة بالصورة، يبدو الفيلم تقليدياً من حيث المضمون. فكرة "التحضّر" التي تمثلها البطلة تتلاشى تدريجياً في بحر اللايقين الذي يلف الفيلم، حتى تصل إلى لحظة ترى فيها الخرافة والجهل ملاذاً بسيطاً ومريحاً.

 وبين صدام العقل والإيمان، تظهر مفارقة ساخرة حين تعترض نساء القرية على تدوين الحكايات، معتقدات أن ذلك يقتلها، في نقيض صارخ لوظيفة السينما ذاتها التي تخلّد القصص بالصورة.

 

"المبتلعة" هو فيلم عن التحوّل، عن هشاشة القناعات، وعن الانصهار في الآخر، حيث لا أحد – لا البطلة، ولا القرية، ولا المتفرج – يخرج كما دخل.

 

**خلاصة**

 

يقدم كل من "إدينغتون" و"المبتلعة"، رغم اختلاف سياقاتهما، تأملات سينمائية عميقة حول المجتمعات المنغلقة، وتأثير البيئة على الفرد، وصراع القيم والمعتقدات.

 تبرز هذه الأعمال أهمية المهرجانات الكبرى مثل كانّ كمنصة لعرض رؤى فنية جريئة تتحدى المسلمات وتدفع المشاهد نحو التفكير النقدي في واقعه المعاصر.

**السينما الأميركية في كانّ: "إدينغتون" لأري أستر و"المبتلعة" كمرآة للتحولات المجتمعية**


تعديل
author-img
Tamer Nabil Moussa

تعليقات

ليست هناك تعليقات
إرسال تعليق
    google-playkhamsatmostaqltradent